jeudi 1 juillet 2010

الوشم تيمة الجسد : نموذج – الفريطيس- في الشعر الشعبي




الوشم تيمة الجسد

نموذج – الفريطيس- في الشعر الشعبي


الوشم ضرب من الرسم على الجسد لتيمات تحمل دلالات طقوسية واجتماعية وهو في مناطقنا في شمال إفريقيا ضارب في القدم يعود للفراعنة وكان يقصد به استرضاء الآلهة وطلب الخصب وربما دلالة الخصب لها أيضا معاني إيحائية جنسية لذا ارتبط عند سلفنا من البربر الامازيغ بمعاني الأنوثة والخصب فالمرأة الواشم هي المرأة الناضجة للزواج تتخذ من الوشم دليلا لاستجلاب الرجال وطلب الزواج ( الخصوبة) لذا كان الوشم من الناحية الانثربولوجية ضربا من الزينة حين كان لا يمكن للمرأة ان تتزين بالحلي وكان شكلا سيميائيا لتقديم الفتاة لمن يرغب بها .يكتب عبد النور إدريس عن "الجسد الأنثوي وفتنة الكتابة" يقول بأن :"إن المرأة الواشم مبدعة تكتب لتضع لذة النص ـ أو الرمز ـ المكتوب بيد المتلقي ذكرا أو أنثى لاكتشاف نهايات الجسد الأنثوي الاشتهائية، ينتقل عبرها الجسم من نظام الأيقونة إلى الجسم اللاهوتي" .لذا فكتابة الجسد لا تكون عبثية فهي عادة ما تحمل تيمات او أيقونات مثل "خميسة"على الجبهة او "صليب" على الذقن او "نجمة" عند أمهاتنا خاصة ونقوش او شامات شبيهة بالوسم الذي نجده في السجاد التقليدي "المرقوم" ولعله يحدد الانتماء والهوية أيضا او يبعد الحسد او يؤجج الشهوة لدى الرجل

خاصة حين يرسم الوشم في أماكن الإثارة ك "بين النهدين" او "الفخذين" او "الخدين" او "الرقبة"عند بعض القبائل وان كنت ما اعلمه عن أمهاتنا أنهن يضعن شامات فقط على الجبهة او الذقن وفي الخد أحيانا . ومع أن الإسلام حارب الوشم مع تحريمه للرسم إلا أن عودته ظلت ملحوظة في العهد العثماني مع تشتت القبائل العربية في الصحراء ربما إعلانا للخروج عن القانون الاجتماعي وضربا من الثورة ضد القيم الرسمية او تأثرا بالثقافة الامازيغية البربرية ..وما يؤكد ذلك حضور الوشم عند شعراء الملحون فكان التغني بالوشم هو تغني بالمرأة وتغزلا بها قصد التقرب ما يعني الوظيفة الجمالية الاشتهائية التي تحدثنا عنها ..وهذا واحد من فطاحلة الشعر في ليبيا وعاش نصف عمره في تونس وتحديد في منطقة دوز الشاعر محمد عبد الرحمن الحامدي المعروف عند المرازيق بكنية "الفريطيس" يتغزل بحبيبته مباركة واصفا شامتها بخط كاتب العدل او بجريد النخل او بختم العدل او بسجاد مدينة غدامس يقول :


اوشام مباركة خط القلم ....كتبه عدل في كاغط رسم

اوشامك كتيب ....واعر بان في نصه صعيب

خجله حدرت تحت الربيب... قصة امحففه فوت الجلم

***

اوشامك جرايد ...فوق الصدر ما بين النهايد

وزيد احفال واتاه القلايد ...تحلف طالب في لوحة ختم

ولى غدامسي صانع وسايد ...عوج نقشهم جي في السقم

***

اوشامك ازراق ...نقط الحبر لا خشة الدراق

عينك ريم راتع في الرقاق ...وهارب مني الياراد اللزم

ويكسر صايده على نوضي اللحاق ....دونه كثح وتعده خطم

***

اوشامك بديع ...اخضر كيف جرجير الربيع

بين الزرع وحطب القطيع ...اسوادت ورقته ومنعه الحرم

وجاته النوه على عقب الصقيع ...وطاته امعفيه خطاته الغنم

فوصف الوشم بالطبيعة "جرجير الربيع" او "بجريد النخل" أو بعلم صفوة القوم " خط العدل" او "نقطة حبر"عند طالب العلم ...بل تفوقها زينة وروعة وان بدت غير منتظمة فروعة إبداع الفنان " الوشام" تفوق روعة جمال الطبيعة ( يذكرنا بموقف هيغل من الفن) بل الروعة والهرمونيا والتناغم تكتمل على جسد جميل يصبح هو ذاته "تيمة" يحيل الوشم (الزينة) على الجسد الجميل او الشبقي ذاته " عوج نقشهم جي في السقم "أي أن الوشم وان لم يكن منتظما فان الانتظام والهرمونيا يصنعه" الجسد الواشم" وهو جسد يزيد جماله كونه ما يزال أرضا بوارا (عذراء) تطلب الخصب "وطاته معفيّه خطاته الغنم " أي لم تطأه قدم ...تلك هي قيم الجمال في المرأة/ الوشم .