lundi 25 février 2008

قراءة أولى في قصيدة زفوف الواد


قراءة أولى في قصيدة زفوف الواد

بقلم الأستاذ الزبير بالطيب

كم موجع صمتك أيتها الدامعة ... وكم موجع هذا الحنين الذي يحركه النص المكتظ بصور ... بمعان ... نعرفها حينا ونجهلها حينا ... هو حنين إلينا ربما ... الى أمس دافئ عذب ... الى أماكن جمعتنا وتجمعنا ... الى جلسات ود وصفاء ... الى لقاءات عابرة ..الى أمجاد عرفناها وعشقناها ... كم مربك نص يوهمك بوضوح معانيه ولكنك حين تتأملها تجدها متبدلة متغيرة ... دون ان تفقد جوهرها الصادق تحسب نفسك رسمت ملامح الصحراء ... المضارب ... وتحسب انك عرفتها " سالمة"... وتبينت ملامحها ولكن سرعان ما تكتشف انك ما عرفت شيئا ... وهنا يكمن وجه من وجوه الإبداع ...في الصورة...صورة توقظ فيك الحنين الى الماضي والاعتزاز بقيمه وترسخ لديك الإيمان بان الغد سيكون أحلى واصفي وأنقى...لان البادية لم تتغير والبدوي لم يتغير في جوهره وفي قيمه وفي صدقه ... لم يتغير مهما تبدلت من حوله الأزمنة ... وتحول المكان وتشكله ... ليس لأنه جامد أو لأنه عاجز بل لأنه وفي لذاته ، لقيمه ، لا يفرط فيها ولا يتخلى عنها ... هو هو ... في وفائه وفي كرمه في وطنينه في إيمانه ... في شجاعته في صفاء روحه ونقاء سريرته ...

لعلك عندما تبحر في عالم النص تجدك قد نأيت ... وأوغلت في الأمس والذكرى أو تجدك قد سابقت العصر واستشرفت الآتي فيكبر فيك الحنيـــــــــــــن الى وجوه الى أماكن الى الماضي قريبه وبعيده الى طفولتك الى حكايات الجدة الى بساطة الأمس....

كل بيت في النص عالم مستقل بذاته .. عالم من المعاني من الصور والرموز كل بيت يمكن ان يكون فاتحة لنص جديد ... وهو وجه آخر من وجوه الإبداع في القصيد ....

فمن القمة يبذأ النص " مرقب ذياب " واليها ينتهي " مرقب ذياب " ...لان القمة هي قدرنا وهي مكننا الحقيقي والنهائي مهما تلاعبت بنا صروف الدهر ... والقمة لا تطالعك في المكان فحسب بل في كل حنايا النص في كل معانيه و في كل القيم في كرم حاتم ... في كرم الأرض وشجاعة فارس تصدى للغزاة في أفراح البدو .. في علوم كانت وستظل مكاسب للإنسان ترتقي به نحو الأعلى ...في الصبر في الوفاء ..في كل شيء حولنا

ينبهك النص الى حقيقة نفخر بها ونفاخر ... ان قيم بداوتنا لا تتنافى مع مقومات عصرنا بل هي سلاحنا وثروتنا وميزتنا في هذا العالم المتغير أبدا ... لأنها ببساطة قيم خالدة - قيم أزلية – قيم الإنسان ...

ختاما التمس منك عذرا أيها الشاعر ... المبدع ... لعلي لم آتي على ذكراك ولكن نصك يعرفك ويصفك ويغني عن كل قول ... أو إطراء...انه نص مختلف يعكس رؤية مختلفة و ابدعا حقيقيا و فهما صحيحا ... وقدرة فائقة على التشكيل ... على التجديد...