dimanche 3 février 2008

العرب المحدثون وتراثهم الثقافي الشعبي جزء 3 - عبد الصمد بلكبير


الجزء الثالث : بيبليوغرافيا الادب الشعبي
وإذا كان من ملاحظات تعن حول هذا العمل الرائد، فهي بالضبط هذا التعميم لمفهوم "الفولكلور" والذي كان سببه الأساس عدم اطلاع المؤلفين المباشر على كل ما أوردوه من عناوين، وبالأخص القديمة منها كي يتثبتوا من مدى مطابقتها لمقاييس قائمتهم. وأيضا عدم التزامهم بما أوردوه في عنوان الببليوغرافيا من أنها "مشروحة". فالشرح فيها قليل جدا، إن لم نقل نادر، وهو الأمر الناتج ضرورة عن الملاحظة السابقة. وقد تخفف من الملاحظتين، الصعوبات المادية الأكيدة، وكون الشرح سيضاعف حتما من حجم التأليف، الأمر الذي سينعكس على امكانية نشره من جهة، وعلى امكانيات تداوله من جهة ثانية. اما اقصاؤهم الكتابات بغير اللغة العربية فقد نتج عنه، فضلا عن الاقصاء المعقول لكتابات المستشرقين، إقصاء أيضا لكثير من كتابات الباحثين العرب بالأخص من فلسطين ومنطقة المغرب العربي (الباحثين الجزائريين بوجه أخص).
تصنف القائمة مجال ببليوغرافيتها أربعة أصناف رئيسية، وعن كل صنف تتفرع فروع دقيقة التخصص، ويشغل صنف ما أسمته بـ "الأدب الشعبي" أحد تلك الأصناف الى جانب:ب - المعتقدات والمعارف الشعبية ت - العادات والتقاليد الشعبية ث- الثقافة المادية والفنون الشعبية فاذا نحن أضفنا بعض فرع الغناء في هذا الصنف الأخير الى صنف الأدب لأنه يتصل به. حصلنا على حوالي ربع المصنف (أكثر من ألف عنوان) هو كل رصيد العرب من الدراسات حول آدابهم الشعبية قديما وحديثا. وهو رقم ليس بالهين، خصوصا اذا نحن احتسبنا ما ينقص الببليوغرافيا أصلا، من عناوين لم يتمكن مؤلفوها من الاطلاع عليها.
وتأتي الكتابات والكتاب المصريون في طليعة الباحثين العرب من حيث عدد العناوين ولابد أن ذلك سينعكس ضرورة على القيمة النوعية أيضا. وهنا تحضرنا أسماء شتى جليلة القدر في مجال البحث العلمي في مختلف حقول الأدب الشعبي انطلاقا من موضوع اللهجات (ابراهيم انيس كمثال خاص) الى الدراسات والبحوث النظرية والتعليمية (أحمد رشدي صالح - ع. العزيز الأهواني -ع. الحميد يونس- فوزي العنتيل - محمود فهمي حجازي.. الخ) الى تحقيق النصوص التراثية (وهم كثير وجلهم معروف متداول كاعلام في اختصاصهم) الى الدراسات الميدانية أو النصية (سعيد ع. الفتاح عاشور - فاروق خورشيد - سيد عويس - جمال حمدان - نبيلة ابراهيم -..الخ) والى الترجمة ونخص بالذكر فيها مجموعة العمل النشيطة جدا في هذا المجال (محمد الجوهري - علياء شكري - محمود عودة - محمد علي محمد والسيد الحسيني..) وغير أولئك كثير جدا.
وفي نفس السياق فلا يجوز بحال عدم الوقوف عند مظهر أخر من أهم مظاهر الاهتمام والعناية بالآداب الشعبية في مصر خاصة، ذلك هو مجال الابداع المنطلق والمستفيد بالاقتباس أو بغيره من التراث الشعبي وخصوصا في مجالي المسرح والشعر... وتحضر الى الذهن في ذلك أسماء اعلام من أمثال: توفيق الحكيم، يحيى حقي، نعمان عاشور ويوسف ادريس والشعراء كـ "بيرم التونسي وصلاح جاهين وأحمد فؤاد نجم وسيد حجاب... وغير ذلك كثير أيضا".
وتأتي العراق في المرتبة الثانية من حيث المساهمة كما ونوعا، وبالأخص عن طريق الدور المتقدم الذي قامت به مجلتهم المتخصصة "التراث الشعبي" بإدارة الباحث لطفي الخوري والشاعر سعدي يوسف ومساهمات باحثين بارزين أمثال: طه باقر، عامر رشيد السامرائي، ع. المجيد العلوجي وجميل كاظم مناف... الخ.
أما في الشام فإن لبنان ثم فلسطين كانتا الأكثر عناية بهذا الميدان، وذلك لأسباب خاصة في الحالتين، فالنزعات الانعزالية والغلو في البحث عن الخصوصية اللبنانية: التاريخية والثقافية... ستجعل من العناية بالتراث والثقافة الشعبية فضلا عن البحث في الجذور الفينيقية، عما يميز المجموعة اللبنانية عن غيرها من شعوب المنطقة، دافعا ومبررا للباحثين والمبدعين، الذين يمكن الاقتصار على ايراد بعض أعلامهم في هذا المجال كأنيس فريحة ومارون عبود وجبور ع. النور ثم الشاعر سعيد عقل.
أما في فلسطين فالأمر على نقيض ذلك تماما، حيث تعتبر العناية بالتراث الشعبي أداة من أهم أدوات المقاومة والصمود بالنسبة لشعب معرض لأخطار التشتيت ومحو الذاكرة الثقافية فضلا عن المحو الجسدي.. ولذلك فقد مثل البحث في ميدان التراث الشعبي الفلسطيني حصنا من أهم حصون الدفاع عن الكيان الوطني وابراز الهوية وتثبيت الحق وترسيخ عوامل الوحدة والصمود ويأتي على رأس المهتمين والباحثين الفلسطينيين في الموضوع أسماء اعلام كـ: بندلي صليبا الجوزي، توفيق كنعان، نمر سرحان، توفيق زياد وعزي عبدالوهاب.. الخ، وكما هو الحال في مصر والعراق فقد كان ولا يزال لمجلة "التراث والمجتمع" المستمرة الصدور في الأرض المحتلة (البيرة) رغم توالي المنع والمصادرة التي تدوم أحيانا سنتين كاملتين دور بارز في هذا المجال. وقد بدأت تصدر لأعدادها السابقة والحالية طبعات ثانية خارج الأرض المحتلة (الأردن).
أما سوريا، فيبدو أن للنزوع القومي المتشدد لحزب البعث الحاكم، تأثيرا سلبيا على بحوث جامعاتها وكتابها في هذا الحقل. ويبقى أهم الباحثين السوريين الرواد في هذا المجال: د. صلاح الدين المنجد بالأخص فيما يتصل بالتراث الشعبي العربي القديم. وقبله نعمان قسطالي (منذ أواخر القرن الماضي) وعدنان بن ذريل ومجدي العقلي وفؤاد رجائي ونديم الدرويش.
أما دول الخليج العربي، فقد أتى اهتمامها بالموضوع متأخرا، غير أنه أيضا جاء كثيفا ومدعوما من قبل الادارة السياسية بصورة استثنائية. وذلك لاحساس مجتمعات هذه الدول بحاجتها الماسة الى تثبيت خصوصياتها وما يسمح بتميزها بكل ما يتصل بتقاليدها ومأثوراتها الشعبية وفي جميع المجالات، وتنظم لذلك الندوات والمؤتمرات "الدولية" والمجلات والرسائل الجامعية... الخ. تكمن وراء كل ذلك سياسة معتمدة وممولة من قبل حكومات وجامعات تلك الدول، وفضلا عن مجلاتهم المتخصصة في الموضوع فتبرز بعض الأسماء يأتي من أهمها أحمد أمين المدني ود. محمد عبدالله المطوع (الامارات) د. محمد سليمان الحداد (الكويت). د. جهينة سلطان العيسى (قطر)... الخ
وتعتبر المملكة العربية السعودية أقل عناية بالمقارنة الى بقية دول الخليج بهذا المجال، وذلك غالبا لقلة حاجتها الى هذا الجانب في تأكيد مظاهر السيادة والاستقلال خصوصا وهي تعتمد لتحقيق ذلك خطابها وزعامتها الاسلامية، ويعتبر من أوائل باحثيها المختصين في هذا المجال الاستاذ عبدالكريم الجهيمان، عبدالله بن خميس - طارق عبدالحكيم محمد بن أحمد العقيلي.
أما السودان فأبرز الباحثين في تراثها الشعبي حتى الآن هو د. عبدالله الطيب وكذلك الباحث المصري شبه المستوطن د. عبد المجيد عابدين وهو يعتبر من أهم الباحثين العرب الذي تتميز دراساته في هذا الحقل بدقة عالية وبشمولية لولا أنه مقل. ولأرتيريا باحث مختص هو ع. الباري ع. الرزاق النجم.