jeudi 19 juin 2008

القسم الثاني :نموذج من الشعر الملحون التونسي - الغزل -او( الاخضر)؟

القسم الثاني :نموذج من الشعر الملحون التونسي - الغزل -او( الاخضر)؟

يعتبر شعر الغزل الذي يختص به الشاعر في مدح الحبيب من اهم الاغراض في الشعر الشعبي وهو ما كتب فيه اغلب الشعراء على عكس اغراض اخرى .غير انهم يتميزون فيه كل بطريفته في دقة وصف مشاعره للحبيب او وصف ملابسها او اجزاء من جسدها او تمثيلها بالطبيعة فالوجه عادة يشبه بالقمر والرقبه او الجيد عادة يوصف برقبة الغزال والعيون السود بعيون الغزال او المهى او بالسهم او البندقية و الشعر بالغسق او القصيل ( الحشيش الطويل في الغابة ) والانف بمنقار الطائر الجارح كما نرى ذلك في بعض الامثلة :
نذكرمنها
*- في وصف الوجه وما يتعلق به من عناصر جسمية مكملة قد توصف منفردة او ضمن وصف الوجه ككل مثل العيون والخدود والحاجبين والفم والاسنان وما يغطيه من شعر
نجد مثلا الشاعر الصادق دراويل يصف حبيبته ببلاغة فائقة حين يقول :
ضوي خد من هز النسيم قناعة ***استغفرت نحساب القمر في القاعة
فهو يشبه وجه حبيبته بالقمر الذي اعتقد حين رآها ان معجزة ربانية حصلت اوقعت القمر على الارض .
اما احمد البرغوثي فيقول
جت خارجة لغطو عليها ولي *** ضوي خدها ناض الامام يصلي
اي يتعمد المبالغة في وصف وجه حبيبته بضوء الشمس التي بظهور اول خيوطها يؤذن للصلاة وووجه الحبيبة الذي اشع على الحي بمجرد ان همت بالظهور اوقع الامام في خطأ فظنه الفجر اذ كبر للصلاة .
وهنا نلاحظ ان الوصف احيانا يتكثف لتبليغ المعنى لدرجة التماس مع المحظور الديني وهو تماس العذاب والعذوبة في هذا الجناس اللفظي الذي رايناه عند ابي نواس حين يقول واصفا الخمرة : كسر الجرة مني وسقى الارض شرابا
قلت والاسلام ديني ليتني كنت ترابا
وفي سياق اخر وفي نفس الموضوع دائما نجد البرغوثي ايضا يصف عيني حبيبته بقصيدته الشهيرة
غروضات ريت الغرض بين هذبهم ***رعوبات رعبوا خاطري يرعبهم
غروضات في شبوا ***نعيسات دوبا يغازلوا ويغبوا
شواويطهم فوق الخدود يهبوا ***جناويح خطيفة الهواء شقلبهم
منين شيعوا وجهين فيا كبوا *** كراطيش بستة رقيق جعبهم
ويقول ايضا البرغوثي
عيون سود خليقة ***اذا شيعوا في العبد ييبس ريقه
والخد بوقرعون تل افريقا ***فتح بان في الوديان ومجالبهم
***
الانياب تبروري مطر تحزيهم ***دوب ان تصفر بالسواك لغبهم
نطلب المولى خالقي يحميهم ***من النفس حتى بيوتهم وعربهم

اما الشاعر البشير عبد العظيم فيذهب مذهب البرغوثي في قياس جمال الحبيبة الى جمال الطبيعة اذ يقول في وصف حبيبته مباركة :
وجبينك براقة في حدادة السمي ***عليها القصة دارت قصانها سطر
رمانات خدودك راويات بالندي ***عليهم دمع عيونك من فرقتي انحدر
الوجه عريض مدور والمضحك استوي ***وشفايف من راهم في حالته اختمر
الرقبة ريم الجالي في مرتعه فلي ***وتغطت بالسالف مهدود عالصدر

ويقول ايضا في قصيد اخر دائما في وصف الوجه

اما عينها يا مباركة عناق ريم دوبلاش برمت عينها
واما الهذب يا مباركة جناحين طيرة خفقت من حينها
وخدودها يا مباركة وردة زهت في الصبح في بساتينها
وباقي القي يا مباركة غطت عليه لثام حجبت زينها
وله ايضا
لنياب فضة خلقهم بضرافة ***ومضحك مسطر يعجبك رصفانه
الشفة زهت واحمارت***ورود زاهية فصل الربيع تمارت

نلاحظ في هذا التوصيف تعمد الشاعر احيانا الاطراء في الوصف والتدقيق حتى دخول منطقة المحظور الاخلاقي والاجتماعي كوصف مناطق الاثارة الجنسية لدى الحبيبة لاظهار جمالها الخارجي والداخليالى درجة التقاطع مع المحظور الديني كما راينا واحيانا يقف عند اعتاب الظاهر الخارجي المسموح به تعففا للحبيبة .وهنا تكمن روعة وابداع الشاعر الذي يستطيع ان يطرب لجمال العواطف دون اقحامها في المحظور الذي قد يحول اذن السامع الى ما لايريد .
وهو المعنى نفسه الذي تغنى به الشاعر الشعبي الليبي محمد بن زعيمة حين يقول :
يبان هذب على البعد هماد ***وعيون تسواد
سواد اليالي ظلامه
وخده كما برق وقاد ***في مزن يكباد
من البعد ترعب غيامه
وصف الشعر : الذي يشبه بالليل لسواده اوبالفرس المنسدل شعرها او سبيبها او بسبول الشعير البدري او بعراجين التمر او بامواج البحر حيث نجد للبرغوثي هذا الوصف :
العجبة ريت غثيثها طاح ردافات ***مصلوب عراجين
وقصة ربيدة راقدة بين ضليمين
اي العرجون المنسدل من النخلة المتضللة باشجار لاترى الشمس
اما البشير عبد العظيم فيقول في وصف جميل جدا لشعر حبيبته مباركة
وغثيث حدر كائد الضفارة ***بان مستوي محدر مع مسلانه
موج بحر يتعامل مع البحارة ***ليا ماج دار رموز في موجانه
ليا ماج فوق كتافه ***تحرك هفاه الريح دار احفافه
من نسمته مول المرض يتعافى ***ويعيش في عالم جديد زمانه
***
وله ايضا هذا الوصف
وغثيثها يا مباركة قصيل مال في قرعة تروى طينها
اي سبول الشعير في مكان راو بالماء
***
وله وصف اعتقد انه اجمل وادق توصيف يصفه شاعر لشعر المراة
فقد مول الغثيث المندر ***على الصدر حدر
قصيل التقاوات مولاه بدر ***حكم خالقي على الحبايب وقدر
اي شعرها المفتوح اشبه بسبول القمح الذي يرعاه صاحبه الفلاح في الظل ويعمل على اروائه في الصبح الباكر اذ يكون ساعتها طريا متموجا مع نسوم الصباح الاولى .

***
في وصف باقي الجسد : اي الصدر والردفين والفخذين ... التي عادة ما يستعمل في وصفها الناقة الطويلة البيضاء السريعة العدو المعروفة بالتارقي عند سكان الصحراء او باعمدة المسجد او البناء العالي والمتين...الخ
يقول البرغوثي
محزم واتى جوفها خاوي يضمار ***وافخاذ دكاكين
وعضلها واقدامها فجل بساتين
***
وله ايضا
والجوف خاوي والحزام تراخى ***انحدروا مجاديله على مضربهم
الجوف خاوي طاوي ***كما تارقي بين الشواوي ناوي
الافخاذ مرمر بنيهم متساوي ***عرصات جامع والسطا لولبهم
عرضها النسوم ولبسها عرضاوي ***خلى عضلها مهتكات حجبهم
عرضها النسوم صفنها***زاد هزها ريح الهوى شخننها
تعروا عضلها وصدرها وبدنها*** براريق حجري شيروا في سحبهم
***
ويقول البشير عبد العظيم في هذا الشان ايضا

وزنودك يا ريدي مجنونهم حكي ***وقت ضموا نهودك بالروب وانحدر
الصدر عريض مجوف على الجوف وانكفي ***دكانه لا بادت لا بنيها دمر
وبزازل دوبانش بازغات من الدفي ***تفاحة في البدري عربونها ظهر
الجوف مطبق ريته مقنوط وانخوي ***عابر سمح اوصافه ملزوز في السفر
وهنا يقصد المهري التارقي الذي يجبر على العدو عند السفر
***
اذا لاحظنا في هذا الغرض عند توصيف المراة الحبيبة ومدح جمالها عادة ما يميل الشاعر الى تمثيلها بالطبيعة وهذا القياس المجازي موجود عند الشعراء منذ القديم
.