mercredi 11 juin 2008

الاغنية الشعبية العربية بين ازمة الغياب و تفكك الحضور ؟؟ ناس الغيوان نموذجا




الاغنية الشعبية العربية بين ازمة الغياب وتفكك الحضور ؟؟ ناس الغيوان نموذجا.

ظهرت مجموعة ناس الغيوان كرد فعل مزدوج يتقصد أولا إعادة الاعتبار للأغنية الشعبية بمقاماتها وأغراضها وأدواتها الموسيقية. ويتغيا ثانيا مقاومة المد الخانق لهيمنة الأغنية التجارية والإيقاعات الجغرافية في الفن العربي عموما. وقد استطاعت المجموعة أن تؤسس لنفسها مكانة متميزة ليست فقط على الصعيد العربي بل على الصعيد الإنساني. وهي المكانة التي لم تتحقق بالإيقاع والكلمة بل بالفلسفة الغنائية التي يفتقر إليها التقليد الغنائي في الثقافة العربية. فمجموعة ناس الغيوان تبقى هي المجموعة الغنائية الوحيدة في التاريخ الإنساني التي بقيت أشرعتها مفتوحة على الزمن وعلى غير أعضائها المؤسسين والرواد. فقد تفرقت مجموعة البينك فلويد البريطانية (The Pink Floyd) مرارا بسبب الخلافات الداخلية بين الأعضاء تمت في الستينيات بإبعاد المؤسس (Syd Barrett) واستبداله بعازف القيتارة ديفيد غيلمر (David Gilmour) ثم تبعه الاستغناء في الثمانينيات عن المؤسس الثاني رودجر ووترز (Roger Waters) ثم كان إعلان "حل" المجموعة نهائيا سنة 2005 .
وبالمثل، اعتزلت مجموعة الأبواب الأمريكية الأسطورية (The Doors) الغناء مباشرة بعد انتحار قائدها ومنظرها جيم موريسون في الثالث من يوليوز سنة 1971 في حداد أبدي على موت صديق لا يشبه الأصدقاء.
كما تشتتت مجموعة الخنافس (The Beatles) البريطانية بعد 1967 سنة وفاة المنتج براين إبشتاين (Brian Epstein) الرجل الذي سهر منذ بداية المجموعة على إصلاح ذات البين بين أعضاء المجموعة والحفاظ عليها. لكن الانفصال النهائي كان بعد صدور الألبوم الأخير للمجموعة المعنون (Let It Be) سنة 1970 السنة التي بعدها اندفع كل عضو للاستفادة الفردية من اسم الخنافس ونجاح الخنافس وشعبية الخنافس بتجريب مشاوير غنائية فردية (Solo) بأسماء فردية كدجون لينن (John Lenon) أو رينغو ستار (Ringo Starr) أو جورج هاريسن (George Harrison) أو بول ماكارتني (Paul McCartney).
كما حافظت مجموعة "الصخور المتدحرجة" (The Rollin' Stones) على أعضائها الستة منذ 1963 : المغني ميك دجاغر(Mick Jagger) وعازفا القيتارة براين دجونس(Brian Jones) وكيث ريتشارلز(Keith Richards) وعازف البيان آين ستيوورت(Ian Stewart) وعازف الباص بيل ويمن (Bill Wyman)وضابط الإيقاع تشارلي ووتس (Charlie Watts) وهم لازالوا الآن في سن الستين من العمر أوفياء لبعضهم البعض ولنصوصهم ولإيقاعهم وفلسفتهم في العزف والغناء التي عرفوا بها في بداية الستينيات من القرن الماضي عندما كانوا في سن العشرين من العمر...

هذا دون ان ننسى تجربة نجم/امام في مصر التي خلقت رافدا للاغنية الشعبية البديلة ومع انها لاقت نجاحا منقطع النظير في السبعينات والثمانيات شهدت بدورها تفكك عناصرها بعد حفلة الجزائر اواخر الثمانينات وتجربة البحث الموسيقي بقابس التي انتهت بدورها الى التفكك الى مجموعتين ( قد نعود لها في تدوينة لاحقة ) .

لم تشبه مجموعة ناس الغيوان المغربية مسارات الفرق الغنائية السالفة الذكر رغم تقاطعها معها في فلسفتها الغنائية (Pop Music) . فقد واصلت مشوارها رغم موت قائدها الأول بوجميع سنة 1974 ورغم المنفى (بعد ألبومها "مهمومة" أوائل الثمانينيات) ورغم موت ربانها الثاني العربي باطمة سنة 1997. فقد تأسست المجموعة سنة 1970 بأربعة أعضاء هم بوجميع والعربي باطمة وعمر السيد وعلال يعلى. لكنها فتحت ذراعيها سنة 1971 لعضوين آخرين هما عازف الكنبري مولاي عبد العزيز الطاهري وعازف العود محمود السعدي اللذان غادرا المجموعة، بعد وفاة بوجميع، لقادم جديد هو المعلم الكناوي عازف الكنبري المعروف عبد الرحمان باكو سنة 1974 الذي سيغادر المجموعة بدوره سنة 1993 ليحل محله عازف الكنبري الشاب رضوان عريف إلى حدود سنة 2000 وهي السنة التي عرفت دخول أخوي الراحل العربي باطمة إلى المجموعة وهما ضابط الإيقاع رشيد باطمة وعازف الكنبري حميد باطمة ولا زال الباب مشرعا في وجه الزمن ما دامت "ناس الغيوان" فلسفة في الغناء وليست ضيعة موسيقية في أيدي أربابها... فكما يدل اسمها، ف"ناس الغيوان" تعني "أهل الغناء وعشاق السلم" على حد قول أحد روادها، عمر السيد. أي أن المجموعة هي "إطار فني مفتوح في وجه كل عشاق الغناء والسلم".
ولعل الضامن الأهم للفلسفة "الغيوانية" النبيلة هو "التعددية" التي تميز هذه المجموعة الغنائية عن نظيراتها من مجايليها داخليا وخارجيا. فقد كانت المجموعة جسرا تعبر من خلاله مفاهيم التعددية والاختلاف إلى الجمهور. فبالإضافة إلى "التعددية الإيقاعية" التي نهجتها المجموعة بحثا عن تعبير أصدق يوحد الشكل بالمضمون، و"التعددية الغرضية" التي راوحت بين الرثاء والوصف والحكم والغزل والتصوف ومدح النبي... فثمة "تعددية وجودية" غدت هذه الفلسفة الغيوانية ورعتها لم تكن في الأصل غير "التعددية الإثنية" لأفراد المجموعة. فقد كان بوجميع صحراويا، وعلال يعلى وعمر السيد أمازيغيان، وعبد الرحمان باكو صويريا والعربي باطمة من قبائل الشاوية..( للاطلاع على هذا المقال اضغط على هذا الرابط )

وان كانت فرقة ناس الغيوان قد تواصلت فلكون اسلوبها ولونها وشكلها هو ما جعل منها ظاهرة فنية شعبية فناس الغيوان قريبة من ثقافة الشارع المغربي والعربي عموما ونعني بذلك استنادها على مرجعية عربية اسلامية بدرجة اولى يظهر في الكثير من اغانيها مثل اغنية :

الله يا مولانا حالي ما يخفاك يا لواحد ربي سبحان الحي الباقي سبحانك يا اله جود عليا

بك عمرت سواقي ونحلتي في نواورك مرعية ولا تجعلني شاقي حرمة ودخيل ليك بالصوفية

او اغنية الزين مديحك التي تتغنى بالرسول وغيرها من الاغاني التي يطغى فيها التشبع من الثقافة الاسلامية وهذا ربما يعود الى اصول اعضاء الفرقة وان كان لايعكس مرجعيتهم الفكرية بالضرورة فاغانيهم تندد بالظلم والتفاوت الطبقي والفساد السياسي وان كان لا يخفى على احد ان بوجميع ( بوجمعة احكور ) حسب بعض الروايات على الاقل ( انظر هنا وهنا ) قد تاثر باحداث ماي 1968 وعرف تقاربا من بعض التيارات الماركسية اللينينية كحركة الى الامام وتنظيم 23 مارس ومنظمة لنخدم الشعب والجبهة الشعبيىة لتحرير فلسطين ممثلة في شخص المناضلة ليلى خالد وابو اياد ...

وفي مستوى ثاني التزمت الفرقة بقضايا الشارع المغربي والعربي عموما فغنت تنديدا بمجزرة صبرا وشاتيلا 1982 تلك الاغنية الشهيرة التي صارت ترددها كل الافواه واغنية ( حملها واسمعها هنا ) واغنية مهمومة يا خيي مهمومة ( حملها واسمعها هنا )

واغنيتهم الشهيرة التي نددت بالقمع في سنوات الجمر والرصاص والتي نقدمها للسامع العربي : ماهموني والتي تبدو وكانها قيلت لزماننا الراهن : الفقر - القمع - السجون - الارهاب - الاغتيالات - ...الخ

التي تقول كلماتها

مــــاهـــمـــونـــي

ما هموني غير الرجال إلَى ضَاعـُــــــــــو

حْيُوط إلى رَابُو كُلّها يَبْنِـــــــــــي دَار

لْما هموني غير الصبيان مْرْضُو وَجَاعُـــو

والغرس إلى سقط نُوضُو نْغْرْسُوا أشجار

وَالحَوْضْ إلَى جْفْ واسْوْدْ نْعْنَاعـُـــــــــه

الصغير ف رجالنا يْجْنِيهْ فَاكْيَة وَثْمَـــــار

مَصير وحدين عند اخِْرين ساهل تَنْزَاعُهْ

وشعاع الشمس ما تخزنه لْسْـــــــــــوَارْ

دارت وجات فْ يد الصهيون دَارْ اتْبَاعُهْ

جَابْ خُيُّهْ وُخْلِيلُهْ فِينْ عْزَارَى الـــــدُّوَّارْ

زَادْ سْبُوعـــــا تَابْعــَـــاه لْتَمْنَاعـُـــــــهْ

منْ حْرّكْ عِينُه فْ رَاسُهْ مَدّوهْ للجَــــزَّارْ

سَرْبَة هْنَا وسَرْبَة لْهِيهْ جَثْمُو وُدَاعـُــــو

ولا كلمــــة فـــوق كلمــــة الغَضَنْفـَــــر

كْثّرُو لَعْصِيدْتْهُم اللبن وُمَاعـُــــــــــــــو

وشْكُون يْقوُل جْدَّة سَفّت يَا حَضـَّــــــارْ

قوُلُو لْ هذاك قولو لــــه قولو للا خر قولو له

قولو له إلى ما فهـــــــم دابا لْيَّام تْوْرِّي لُــــه

قولو لَلاَّ يْمِي قولو لـــــه

قولو لَلاَّ يْمِي رَا لغْدْرْ حْرَامْ أَلاَ لَّة

إلى أنا معذب صَابْــــــــــــر إلى أنا مهجور نْكَابْـــــرْ

إلى أنا قلتو هاجــــــــــــر إلى أنا قلتــــــو نَافَـــــر

إلى أنا قلتو قْفْلْ عَاسْـــــــرْ ذِي لِيـَّــــام رَاه يَاسْـــــرْ

غير خلّيو اللي ما بغا يفهم لا تقولــــــــو لــــــــه

دابـــا لْيَّـــام تـــوري لـــــه وَا دَايْنِــــــي يَا دَايْنـِــي

إلى أنا معذب مهجور إلـى أنـــــا منبـــود مْحْگـُــورْ

غيــــرْ ا نْجَا لِيـَّـا أنـــــــــت خْلّينِي نْجَاِري وْنْــــدُورْ

ونقــــاوم غــــرق لبحـــور غير ما تصيبك گـْلْتـَــــهْ

لــــــكــــــــن امتــــــــى بلا ما يقولو ليك تفهم أنت؟

وَا دَايْنِي يَا دَايْنِي

يمكن الاستماع للاغنية هنا

للاستماع الى اغاني مجموعة ناس الغيوان يمكن زيارة هذا الموقع