vendredi 13 juin 2008

الشعر الشعبي " الملحون" في المغرب العربي: تعريفه ,أغراضه , أنواعه.


كنت بصدد البحث عن مادة حول الشيخ الحسين التولالي احد رواد الشعر الملحون المغربي الذي يعتبر من اوائل من ارسى هذا الفن في المغرب الاقصى ( غنت له فرقة جيل جيلالة اغنيته الرائعة يا شمعه قد نعود له في تدوينة خاصة به ) فعثرت على دراسة مستفيضة في احد المواقع المغربية حول اصول الشعر الملحون المغربي وبداياته ( انظر هنا ) فارتأيت ان أبدأ بتنزيل هذه الدراسة مع التصرف قدر الامكان في محتواها باعتبار طولها لتمكين المستمع العربي من الاستفادة منها على ان اعود في جزء ثاني منها الى تطعيمها بمثال هذا النوع من الفن في تونس من خلال ما كتبه حوله الاديب محمد المرزوقي في كتاب " الادب الشعبي " لاترك للقارئ الفرصة للمقارنة والاستزادة باعتبار ان الموروث الشعبي المغاربي ينهل من منهل واحد كما سيلاحظ . وبما الدراسة طويلة نسبيا ساقسمها الى اجزاء

الجزء الاول

الشعر الشعبي " الملحون" في المغرب العربي: تعريفه ,أغراضه , أنواعه.

لعل الكثيرين من ابناء امتنا لا يعرفون الا القليل عن هذا الشعر بين قوسين لان اشكالية المصطلح لا تزال مطروحة الى وقتنا هذا واكتفي بتسميته بالموهوب باعتبار المصطلح متفق عليه عند جمهور الباحثين المحدثين المراحل التي مر بها الموهوب * الملحون* من المعروف ان الشعر الاندلسي قد تميز بسلاسته وصوره الجميلة وبساطة لفظه .ومع بلوغ فن اللحن والغناء دروته في اواخر عهد ملوك الطوائف فقد ساير قرض الشعر الفصيح هذا التطور بحيث تبارى الملحنون والمغنون في وضع انماط غنائية تعرف عند اهل المغرب الاقصى بفن *الآلة* او الطرب الاندلسي وبالجزائر بالغرناطي وبتونس وليبيا بالمالوف او المألوف.
وقد صنفوا هذا الفن الى 55 نوبة اي دور فكان الملحن ياخذ الشعر ويلحنه حسب نغمة معينة ونفس الشيء يقوم به آخرون ويتبارون بادوارهم امام الحاكم لاختيار الاجود وهكذا دواليك
استقر كما هو معلوم اهل الاندلس ممن هاجر قهرا حفاظا على دينه بمدينة فاس وتطوان وطنجة وسلا ومراكش ومنهم من حط الرحال بالجنوب المغربي وبتافلالت بالخصوص حيث منشا فن الموهوب .
تافيلالت منطقة صحراوية وواحة شاسعة نزل بها العرب منذ الفتح الاسلامي لتشابه تضاريسها بتضاريس المنطقة العربية واهلها يقرضون الشعر بالسليقة وهذا المد الثقافي يصل الى حدود نهر السنغال جنوبا مرورا بموريتانيا بلد المليون شاعر .
ولعل هذا الفضاء احد اسباب تمركز الشعر الموهوب بهذه المنطقة بالذات كما انطلقت منه الاسر الحاكمة للمغرب لعدة قرون الى وقتنا الحاضر كما تسمى هذه المنطقة ببلاد الشرفاء من سلالة النبي المصطفى صلى الله عليه وسلم.
ومن الحب الكبير الذي يحمله الاهالي الاوائل للنبي صلى الله عليه وسلم وآل بيته كانت البداية
كانت تقام بمناسبة المولد النبوي اسواق تلقى فيها القصائد الشعرية بالفصحى وبما ان سكان المنطقة ليسوا كلهم من العرب بل فيهم البربر وفيهم العرب الذين اختلطت عربيتهم بلهجات البربر فاستعصى علي اغلبهم التذوق الصحيح لما يلقى عليهم الا ما اختلط بالفصيح من موشحات وبراول
وكتعريف بسيط بالنوبات السالفة الذكر اذكر هنا فقط مسمياتها وتقسيماتها وبعض النمادج الشعرية
النوبات *الادوار* هي
نوبة رمل الماية * واغلب اشعارها في الديح النبوي
نوبة الاصبهان
نوبة الماية
نوبة رصد الديل
نوبة الاستهلال
نوبة الرصد
نوبة غريبة الحسين
نوبة الحجاز الكبير
نوبة الحجاز المشرقي
نوبة عراق عجم
نوبة العشاق
وتنقسم كل نوبة الى عدة ميازين او موازين
ميزان البسيط
ميزان قائم ونصف
ميزان بطايحي
ميزان درج
وميزان قدام
ويتخلل هذه الميازين موشحات وتوشيات وبراول
آخذ مثالا على احدى النوبات نوبة رمل الماية وهي كما ذكرت في مدح الرسول صلى الله عليه وسلم
ويستعمل فيه البحر الطويل بكثرة وهو على مقام
مثال على ما قيل في هذه النوبة

الا غنيني يا منشدي رمل الماية
.......
واطرب عقول الجالسين ذوي الفضل
ودع عنك شرب الراح للحنه
......
فنغمته تحكي السلافة في العقل
اما مطلعها فهو

صلوا يا عباد على اشرف الورى
.......
وارضوا عن العشرالكرام البررا
مهما نقرب الروضة يا تينا مبشرا
......
نسيم من الاحباب مسكا وعنبرا

وكمثال على البراول وهي التسمية الاولى للازجال عند نشاتها الاولى

يا كوكب الاحلاك....قلبي هواك
هواك يا فتان
قد حير لذهان
بالله يا سلطان
رفقا بمن هواك...ودع جفاك

من هنا كان المنطلق للشعر الموهوب ومن هنا بدا الشعراء يتفننون في قرض قصائدهم ووضع قواعد هذا الفن الراقي الذي لا يقل جمالا عن الشعر الفصيح بل تعداه في بعض اغراضه .