dimanche 1 mars 2009

الحكاية الشعبية - الجزء الاول

الحكاية الشعبية

من الموروث الشفوي الذي يجب الاهتمام به وايلائه كل الأهمية لا فقط تجميعا بل أيضا دراسة وتقييما هو الحكاية الشعبية .ونعني بالحكاية تلك القصص والروايات الشفوية التي كانت جداتنا تسردها لنا أما لتشدنا للنوم حين لم يكن هناك تلفاز ولا حاسوب ولا حتى أدوات لعب نتلهى بها وإما لموعظة او حكمة تريد تربيتنا عليها ..غيران المتخصصين في هذه المسالة "اعدم من الكبريت الأحمر " في زماننا .وكدت اجزم بغيابهم لولا أني عثرت صدفة في معرض للكتاب عن كتاب للأستاذ جلال الربعي يقدم فيه أعمال الأستاذ محمد الجويلي( صديقي أيام الجامعة) بعنوان "قراءات انثربولوجية :دراسة في كتابات الدكتور محمد الجويلي" صدر عن دار مكتبة علاء الدين بصفاقس سنة 2008.واكتشفت أنّ للجويلي همّا انثربولوجيا بهذا المشغل لا مجرد بحث أكاديمي نذكر منها خاصة :

· الأم الرسولة :رسالة الأم في الحكاية الشعبية التونسية قراءات انتربولوجية نفسية "صادر عن مطبعة قرطاج تونس 2007.

· البطل في الإسلام الشعبي :مثال علي بن أبي طالب في الثقافة الشفوية التونسية قراءة انتربولوجية .مطبعة قرطاج تونس 2007 .

· انتربولوجيا الحكاية :دراسة انتربولوجية في حكايات شعبية تونسية .مطبعة تونس قرطاج 2002.

· الزعيم السياسي في المخيال الإسلامي بين المقدس والمدنس .دار سراس للنشر 1992.

اعتمد فيه الباحث توظيف موروثه الشفوي من حكايات الجدة بأسلوب علمي دقيق وشيق .لذا ارتأيت أن أقدم بعض ما توصل له من تحديدات علمية مطعمة ببعض الأمثلة للحكايات التي تربينا عليها .

مفهوم الحكاية الشعبية :

بعض الموسوعات العلمية – مثل موسوعة انكارتا الرقمية ENCARTA - ذهبت إلى أن الحكاية الشعبية تعني مختلف أنماط القول الحاملة أو الناقلة للفكر سواء عن طريق اللفظ (الشفوي) أو الخط( المكتوب).بينما تذهب الموسوعة الكونية Encyclǽpedia universalis -إلى اعتبار أن الحكاية الشعبية تتحدد ب "الشفوية والثبات النسبي في بنيتها وأخيرا بقيامها على التخيل " .فما نعنيه بالحكاية الشعبية إذن كل أنماط القول من حكي وأسطورة ونادرة وقصائد مغناة وخرافات والحكايات الممثلة بالحيوان والتي كانت أساسا تنتقل انتقالا شفويا "من الفم إلى الإذن " والتي تقوم في بنائها القصصي على الخيال fiction والعجيب merveilleux و الخارق fantaisie و والميثولوجي و اللامعقول irrationnel والمعقول plausible أحيانا أخرى .

ولعلنا لا نختلف ان نحن اعتبرنا الحكاية الشعبية في شكلها المكتوب الرسمي قد مثلته حكايات شهرزاد في "الف ليلة وليلة " ونصائح بيدبا الفيلسوف لدبشليم الملك في "كليلة ودمنة " وربما ايضا في "رسائل الجاحظ" و "رسالة الغفران " للمعري وسيرة ابن هشام ..وصولا ربما الى سيرة الجازية الهلالية كما رواها وقدمها محمد المرزوقي .. علما وان هذه الحكاية تروى من السلف الى الخلف مشافهة قد لاتصل ابدا بنفس الصورة الاولى فهناك دائما الراوي او من نسميه في لهجتنا "الفداوي " الذي يتحكم في بنية الحكاية وفق مقتضيات المجتمع الذي يعيشه ووفق مقتضيات بناء الحكاية ( مثلا يورد الجويلي حكاية سبع صبايا في قصباية بطريقتين مختلفتين تماما واحدة يرددها اهل الجنوب والاخرى لاهل الشمال في تونس ) فالراوي هو مركز الرواية ومصدرها بعد ان نكون نسينا مصرها الاول – لان اغلب الروايات او الحكايات مجهولة المصدر ولا يعرف لها قائل حتى اننا نعتبر الى اليوم جداتنا مصدر هذه الروايات التي نحفظها منذ الصغر( وهو ما يذكره الجويلي في اغلب رواياته للحكاية عن جدته ) . فالحكاية الشعبية اذن بهذا المعنى هي من "الأدب الحي و المتحرك " حسب عبارة Bernadette Bricout في الموسوعة الكونية . مع ان بها عناصر ثابتة او شبه ثابتة في كل الاجيال او حتى على اختلاف المجتمعات خاصة تلك التي تحمل ذات الموروث مثل المجتمع العربي ( مثل حكايات علي بن السلطان وراس الغول التي تروى في اكثر من جهة عربية او بطولات سيدنا علي بن ابي طالب وسيفه المفروق ذو الفقار او ذو الذوأبتين ).

ويمكن تصنيف الحكاية الشعبية الى :

· حكايات الحيوان

· الحكايات العجيبة او الدينية

· حكايات الهزل

- يتبع -