mercredi 27 mai 2009

هل تحول الفولكلور العربي إلى مجرد فاكلور ؟ جزء 2


وربما كان ذلك سببا ل :
كون الفولكلور انقسم قسمين:
• واحد مسكوت عنه بقي شفويا محفوظا في الذاكرة الشعبية وهو الذي تتناقله الالسن على انه التراث الصحيح نبع من مشاعر ووجدان الشاعر او الاديب او الراوي للحظة تاريخية صرنا اليوم نؤرخ انطلاقا منها لاحداث مضت نأت عنها الذاكرة الرسمية ( انظر مثلا في هذا السياق مجهودات محمد المرزوقي في اغلب كتاباته التي حاول فيها اعتماد المشافهة منهجا للبحث العلمي كما في ثورة المرازيق من خلال ما قيل شعرا في انتفاضة المرازيق او في دماء على الحدود من خلال ما قيل عن ابطال الثورة ضد المستعمر وعلى الرغم من كون المرزوقي كان مقربا من اعلى هرم السلطة الا ان اعماله الشخصية او حتى في ديوان الادب الشعبي التابع لوزارة الثقافة لم يكن بمنأى عن تدخلات السلطة بل واجهاضه او تحويره مثلما وقع مع مسرحية "المجاهد الاول" التي كان يتحدث فيها عن شخصية العربي زروق ..).
• والثاني الفولكلور الرسمي كما تريده السلطه وهو ما سميناه ب الفاكلور fakelore والذي للاسف تم اختزاله في مجرد فرجة كالذي تظهره في بعض المهرجانات ( مهرجان الصحراء بدوز – مهرجان الواحات بتوزر-مهرجان القصور بتطاوين – ايام الصناعات التقليدية والتراث – التي لا تظهر من التراث الا الجانب التسويقي السياحي . ) او كذلك محاولات توظيفه سياسيا او ثقافيا ( لا نعلم لماذا اقتصر تجميع الشعر الشعبي في تونس على دواوين ثلاثة هي ديوان احمد ملاك واحمد بن موسى واحمد البرغوثي دون نصوص اخرى ؟؟) ( نذكر ايضا في تونس في فترة ما بين السبعينات والثمانينات كانت الاذاعة تبث برنامجا اسبوعيا تراثيا "قافلة تسير" وكان الزعيم بورقيبة يروقه ان يسمع كل صباح في الاذاعة الوطنية "مدائح واذكار" تكتب وتغنى له ؟)و لانعلم بالمثل لماذا انعدم في الضفة الشرقية لنهر الاردن الاهتمام بالتراث الشعبي الفلسطيني انتاجا وتجميعا بحرص خاص من اعلى سلطة في الاردن ( يقول الدكتور ايوب في المرجع السابق انه خلال اقامته بالاردن بلغه ان السلط كانت تمنع الاشرطة والتسجيلات للشعر الشعبي والفصيح وان هذه الاخيرة كانت تهرب من الضفة الغربية كما تهرب البضائع بل ان الات التسجيل كان يمنع حملها في الشطر الشرقي لنهر الاردن) .ولعل هذا الموقف ما زال يتكرر في اكثر من بلد عربي وبحسب الظروف بخصوص التراث الفلسطيني ..فقصائد مثل قصائد نجم واغاني الشيخ امام ومصطفى الكرد ومحمود درويش ومظفر النواب كانت اعدم من الكبريت الاحمر بل قد تعتمد تهمة لحاملها ...
والسؤال الموجه لهذا المبحث لماذا ننأى عن تراثنا الحقيقي بآخر هجين مركب ومزيف نحوله الى مجرد فرجه ونجعل قائله اليوم مجرد مشهد فلكلوري نتحول اليه للتسلية او للسخرية او لمتعة آنية يكون محرارها ليس بالتاكيد ابداعا و قد تكون عانقت الابداع فعلا ( في السبعينات في تونس تم منع اغاني المزود الشعبية حتى غنى بعضهم : هانا جينا يا لميمة رانا مضامين ...نستنوا في العفو يجينا من ستة وسبعين ..وبعد نجاح عرض النوبة اوائل التسعينات اختيرت مجموعة النوبة لتمثيل تونس في المحافل الدولية ).احد الشعراء الشعبيين المعروفين جدا في الجنوب التونسي – دون ذكر اسمه – حدثني بمشاعر المرارة والاحتجاج ذات مرة حين طلب منه مذيعا تلفزيا ان يقدمه في برنامجه طالبا منه ان يرتدي الجبة والبلغة والعمامة ...لاكمال المشهد الكاريكاتوري الفولكلوري فما كان منه الا ان رفض الظهور في البرنامج قائلا انه ليس للفرجة .
ذلك هو الفولكلوري العربي الغيور من موقع المبدع على تراثه والذي يرى ان التراث ليس من الماضي بل هو هوية الشعب ونبراسه الذي يحيا به يومه ...فأغاني البدو وإشعارهم وتهليلهم كانت ومازالت شانهم اليومي والأمثلة على ذلك كثيرو يمكن متابعتها في ندوة التجديد في الشعر الشعبي التي كنا عرضنا لها سابقا .
انتهى