mercredi 27 mai 2009

هل تحول الفولكلور العربي إلى مجرد فاكلور ؟ جزء 1


أصل تسمية فلكلور- كما جاء في موسوعة وايكبيديا " من اللغة الألمانية (Volkskunde) ومعناها بالعربية (علم الشعوب) وكلمة فلكلور يقابلها باللغة العربية (التراث) وهو إرثنا عن أسلافنا من الثقافة.
ظهر المصطلح الإنجليزي فولكلور عام 1846 حيث استخدمه لأول مرة عالم الأثريات الإنجليزي سيرجون وليام تومز حيث كان مستكملا و محددا به الجهود العلمية و القومية التي سبقته في إنجلترا و ألمانيا و فنلندا و غيرها من بلدان أوروبا و قد شاع مصطلح فولكلور بعد ذلك بمعنى حكمة الشعب و مأثوراته كمصطلح يدل على موضوعات الإبداع الشعبي ثم تطورت و تقدمت مناهج علم الفولكلور و اتسع مجال بحثه ليشمل مختلف أوجه النشاط الخلاق للإنسان في بيئته و ارتباطه بالثقافة الإنسانية ككل."فاللفظ راج مع دخول الاستعمار للبلاد العربية وكان الانقليز يفهمونه على انه حكمة الشعب والفرنسيين على انه المأثور الشعبي وهي التسمية الأقرب للمعنى لان ما اصطلح عليه بفلكلور هو مجموع التراث الشفوي الذي قام جمعه على الذاكرة والحفظ دون التدوين " أما إذا سجل أو دوّن فمعنى ذلك أن النص المدون وثيقة تحقق فترة تسجيله وتدوينه لا تاريخ إبداعه "كما تقول الباحثة المغربية الشابة مريم لطرش في بحثها عن الموروث الشفوي .
اما ما اصطلح عليه ب فكلور fakelore فالمقصود به ذلك "الانتاج المروي الشعبي المزيف الذي سرعان ما تفتح له دور النشر ابوابها فينشر دون تحقيق علمي كما تروجه وسائل الاعلام ...وباختصار فإن هذا الصنف من الانتاج عبارة عن وسيلة دعائية تبوّب وتحفظ مناقب "شخصية سياسية "ما " والتعريف للدكتور عبد الرحمن ايوب في مجلة دراسات عربية عدد4 فيفري 1985 في مقاله عن الفولكلوري العربي.وهو المعنى نفسه تقريبا الذي تعرض له موسوعة وايكبيديا – هنا. فهو ضرب من التقليد الخاطئ والغير الاصيل الذي قد يؤسطر بشكل ما او يقاس على مقاس التراث الحقيقي ولكن لغاية ما عادة ما تكون اما تجارية او ايديولوجية .وهذا هو مربط الفرس في موضوعنا .
فالظاهرة الفولكلورية ( الشفوية) لم تكن أبدا مدار اهتمام دولة الاستقلال العربي لأسباب سنأتي عليها بل كانت في الأصل موضوع دراسات استشراقية ربما لان الاستعمار ذاته الذي شجع مثل هذا الاستشراق إنما كان يفعله لغايات الهيمنة والإخضاع من خلال الاهتمام بثقافات الأقليات الاثنية ( مثل البربر أو الزنوج في شمال إفريقيا) والدليل على ذلك تقلص الاهتمام بها بعد الاستقلال كما يكشف عند الدكتور ايوب ( المرجع السابق) حين يقول " ان المستشرقين الفرنسيين والايطاليين والالمان والانقليزعلى الاقل كانوا دائبي السعي خلال الفترة الاستعمارية وقبيلها لجمع مادة المأثور الشعبي في الأقطار المحتلة ولم يتقلص دأبهم الا في الستينات – 1962 مع استقلال الجزائر ".ومن دون شك لايعني هذا ان الاهتمام بهذا الفولكلور انتهى بل ربما انتقل الى دول المركز في عملية استقطاب جديدة للمثقفين العرب وخاصة لأولئك المعنيين بثقافة الأقليات الاثنية .وفي المقابل لم تعنى دولة الاستقلال بمثل هذا الموروث لاسباب يمكن تعدادها في ما يلي :
• ان هذا الموروث اعتبر ثقافة المهمشين او الاقليات وتشجيعه من شأنه أن يؤدي الى انفصام المجتمع وتفتته ودولة الاستقلال تعمل على صيانة هذه الوحدة بالتأكيد .( خاصة تلك الدول التي قامت اصلا على ايديولوجية الوحدة العربية ).
• لغته لغة عاربة ( دارجة بلكنة هجينة )وهي لغة شعبية لغة الشارع اليومي ودولة الاستقلال ترفع في بنود دستورها الجديد ان لغتها العربية ومن ثم فإن الدفاع عن اللغة العربية هو دفاع عن مقومات الهوية للدولة ذاتها.
• ان برامج بعض الدول – شأن تونس البورقيبية- كانت لا تتورع عن اخفاء توجهها الفرنكفوني في الاختيارات التعليمية والثقافية والفرنسية لغة الحضر ( البلدية) ضد النازحين من اهل الريف ( الافاقيين) وهو ما كان يكشف صراحة عن نزعة تحقيرية للثقافات النائية.( ربما ما تزال موجودة لليوم).
• ان مواد هذا الموروث لا يمكن ان تخضع لمقاييس بحث علمي موضوعي لطبيعة مواضيعه وخصوصيتها ( لكونها شفوية تعتمد شهادة ثقات ربما تذهب الشهادة بذهابهم – او لكون الموروث متحول حسب ظرفية المجتمع – او لكون المادة التي قيل بها اي اللغة ( اللهجة) مختلفة من جهة لاخرى ومن بلد لاخر .( انظر مثلا هنا ما كنا عرضنا له في حديثنا عن الحكاية الشعبية في تدوينة سابقة) .
• ان بعض هذا الموروث ان لم يكن اغلبه كانت له مواقف متباينة مع السلطة السياسية الرسمية ابان الاستعمار وبعدها ( وقد عمل شعراء شعبيون كثيرون على فضح المخزن والقوادة بل والتصادم مع السلطان نفسه بعد ذلك ( انظر مثلا ملزومة عبدالرحمن الكافي المشهورة او اشعار محمد الطويل التي كتبها حين كان منفيا في بنزرت حين يقول خاصة في ذم من احتفل من القوادة بالعيد الوطني الفرنسي : يحكو عليها دولة التزميح ...الدنيا بدت هتاو للزوماح والايام ما يدوموش زي الريح ...لا دايمة لا بصحو ولا برياح ...او قصيدة ما بي مرض الشهيرة لرجب بوحويش الليبي في نفس الغرض تقريبا حين يقول في ذم من ساعد الايطالي على سجن اهله في الصحراء اذ يقول : ما بي مرض غير فقد الملاح ..ودولة..القباح ...اللي وجوههم نكب واخرى صحاح ...وكم طفل عصران م السوط ذاح حاير دليلة ...يا نويرتي صاف دون جيلة ....الخ)
يتبع